MagedMowafi
عدد المساهمات : 102 تاريخ التسجيل : 24/03/2011 العمر : 33 الموقع : مدير الموقع
| موضوع: أحــــكام الجــــنازة الثلاثاء أبريل 19, 2011 1:45 pm | |
| جنائز * التّعريف : 1 - الجنائز جمع جنازة بالفتح الميّت ، وبالكسر السّرير الّذي يوضع عليه الميّت ، وقيل عكسه ، أو بالكسر : السّرير مع الميّت ، فإن لم يكن عليه الميّت فهو سرير ونعش وقيل : في كلّ منهما لغتان . أحكام المحتضر : تعريف المحتضر : 2 - المحتضر هو من حضره الموت وملائكته ، والمراد من قرب موته ، وعلامة الاحتضار - كما أوردها ابن عابدين - أن تسترخي قدماه فلا تنتصبان ، ويعوجّ أنفه ، وينخسف صدغاه ، ويمتدّ جلد خصيتيه لانشمار الخصيتين بالموت ، وتمتدّ جلدة وجهه فلا يرى فيها تعطّف . وللمحتضر أحكام تنظر في مصطلح : ( احتضار ) . ما ينبغي فعله بعد الموت ، وما لا ينبغي فعله : أولاً : ما ينبغي فعله بعد الموت : 3 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا مات الميّت شدّ لحياه ، وغمّضت عيناه ، « فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على أبي سلمة ، وقد شقّ بصره فأغمضه وقال : إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر » ويتولّى أرفق أهله به إغماضه بأسهل ما يقدر عليه ، ويشدّ لحياه بعصابة عريضة يشدّها في لحيه الأسفل ويربطها فوق رأسه . ويقول مغمضه : « بسم اللّه وعلى ملّة رسول اللّه » ، اللّهمّ يسّر عليه أمره ، وسهّل عليه ما بعده ، وأسعده بلقائك ، واجعل ما خرج إليه خيراً ممّا خرج منه . ويليّن مفاصله ، ويردّ ذراعيه إلى عضديه ، ويردّ أصابع كفّيه ، ثمّ يمدّها ، ويردّ فخذيه إلى بطنه ، وساقيه إلى فخذيه ، ثمّ يمدّها ، وهو أيضاً ممّا اتّفق عليه . ويستحبّ أن ينزع عنه ثيابه الّتي مات فيها ، ويسجّى جميع بدنه بثوب " فعن عائشة رضي الله تعالى عنها « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين توفّي سجّي ببرد حبرة » ويترك على شيء مرتفع من لوح أو سرير ، لئلاّ تصيبه نداوة الأرض فيتغيّر ريحه . ويجعل على بطنه حديد ، أو طين يابس ، لئلاّ ينتفخ ، وهذا متّفق عليه في الجملة . الإعلام بالموت : 4 - يستحبّ أن يعلم جيران الميّت وأصدقاؤه حتّى يؤدّوا حقّه بالصّلاة عليه والدّعاء له ، روى سعيد بن منصور عن النّخعيّ : لا بأس إذا مات الرّجل أن يؤذن صديقه وأصحابه ، إنّما يكره أن يطاف في المجلس فيقال : أنعي ( فلاناً ) لأنّ ذلك من فعل أهل الجاهليّة ، وروي نحوه باختصار عن ابن سيرين ، وإليه ذهب الحنفيّة والشّافعيّة . وكره بعض الحنفيّة النّداء في الأسواق قال في النّهاية : إن كان عالماً ، أو زاهداً ، أو ممّن يتبرّك به ، فقد استحسن بعض المتأخّرين النّداء في الأسواق لجنازته وهو الأصحّ ، ولكن لا يكون على هيئة التّفخيم ، وينبغي أن يكون بنحو ، مات الفقير إلى اللّه تعالى فلان بن فلان ، ويشهد له أنّ أبا هريرة كان يؤذن بالجنازة فيمرّ بالمسجد فيقول : عبد اللّه دعي فأجاب ، أو أمة اللّه دعيت فأجابت . وعند الحنابلة لا بأس بإعلام أقاربه وإخوانه من غير نداء . وقال ابن العربيّ من المالكيّة : يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات : الأولى : إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصّلاح فهذا سنّة . والثّانية : الدّعوة للمفاخرة بالكثرة فهذا مكروه . والثّالثة : الإعلام بنوع آخر كالنّياحة ونحو ذلك فهذا محرّم . وفي الشّرح الصّغير كره صياح بمسجد أو ببابه بأن يقال : فلان قد مات فاسعوا إلى جنازته مثلاً ، إلاّ الإعلام بصوت خفيّ أي من غير صياح فلا يكره . فالنّعي منهيّ عنه اتّفاقاً ، وهو أن يركب رجل دابّة يصيح في النّاس أنعى فلاناً ، أو كما مرّ عن النّخعيّ ، أو أن ينادى بموته ، ويشاد بمفاخره . وبه يقول الحنفيّة والشّافعيّة . وينظر التّفصيل في مصطلح : ( نعي ) . قضاء الدّين : 5 - يستحبّ أن يسارع إلى قضاء دينه أو إبرائه منه ، وبه قال أحمد لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً « نفس المؤمن معلّقة بدينه حتّى يقضى عنه » . قال السّيوطيّ : سواء ترك الميّت وفاء أم لا ، وشذّ الماورديّ فقال : إنّ الحديث محمول على من يخلّف وفاء . وقال الحنابلة : إن تعذّر الوفاء استحبّ لوارثه أو غيره أن يتكفّل عنه ، والكفالة بدين الميّت قال بصحّتها أكثر الأئمّة ، خلافاً لأبي حنيفة ، فإنّه لا تصحّ عنده الكفالة بدين على ميّت مفلس ، وإن وعد أحد بأداء دين الميّت صحّ عنده عدة لا كفالة . وذهب الطّحطاويّ إلى قول الجمهور . تجهيز الميّت : 6 - اتّفق الفقهاء على أنّه إن تيقّن الموت يبادر إلى التّجهيز ولا يؤخّر " لقوله عليه الصلاة والسلام : « لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهري أهله » . وتشهد له أحاديث الإسراع بالجنازة ، وسيأتي عند الكلام عن حمل الجنازة . فإن مات فجأة ترك حتّى يتيقّن موته ، وهو مفاد كلام الشّافعيّ في الأمّ . وفي الغاية سنّ إسراع تجهيزه إن مات غير فجأة ، وينتظر من مات فجأة بنحو صعقة ، أو من شكّ في موته ، حتّى يعلم بانخساف صدغيه إلخ . وبه يقول المالكيّة ففي مقدّمات ابن رشد يستحبّ أن يؤخّر دفن الغريق مخافة أن يكون الماء غمره فلا تتبيّن حياته . ثانياً : ما لا ينبغي فعله بعد الموت : قراءة القرآن عند الميّت : 7 - تكره عند الحنفيّة قراءة القرآن عند الميّت حتّى يغسّل ، وأمّا حديث معقل بن يسار مرفوعاً « اقرءوا سورة يس على موتاكم » فقال ابن حبّان : المراد به من حضره الموت ، ويؤيّده ما أخرجه ابن أبي الدّنيا وابن مردويه مرفوعاً « ما من ميّت يقرأ عنده يس إلاّ هوّن اللّه عليه » وخالفه بعض متأخّري المحقّقين ، فأخذ بظاهر الخبر وقال : بل يقرأ عليه بعد موته وهو مسجّى ، وفي المسألة خلاف عند الحنفيّة أيضاً . قال ابن عابدين : الحاصل أنّ الميّت إن كان محدثاً فلا كراهة ، وإن كان نجساً كره . والظّاهر أنّ هذا أيضاً إذا لم يكن الميّت مسجّى بثوب يستر جميع بدنه ، وكذا ينبغي تقييد الكراهة بما إذا قرأ جهراً . وعند المالكيّة يكره قراءة شيء من القرآن مطلقاً . وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لا يقرأ عند الميّت قبل الدّفن لئلاّ تشغلهم القراءة عن تعجيل تجهيزه ، خلافاً لابن الرّفعة وبعضهم ، وجوّزه الرّمليّ بحثا . أمّا بعد الدّفن فيندب عندهم . ولم نعثر على تصريح للحنابلة في غير المحتضر . النّوح والصّياح على الميّت : 8 - يكره النّوح ، والصّياح ، وشقّ الجيوب ، في منزل الميّت ، وفي الجنائز ، أو في محلّ آخر للنّهي عنه ، ولا بأس بالبكاء بدمع قال الحنفيّة : والصّبر أفضل . فقد روى الشّيخان من حديث أبي موسى الأشعريّ « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم برئ من الصّالقة والحالقة والشّاقّة » . وأخرجا من حديث ابن مسعود « ليس منّا من ضرب الخدود ، وشقّ الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهليّة » . وأمّا البكاء بغير صوت فيدلّ على جوازه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن لابنته ونفسه تتقعقع ففاضت عيناه ، وقال : هذه رحمة جعلها اللّه في قلوب عباده » . وقول عمر : - في حقّ نساء خالد بن الوليد - دعهنّ يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة ذكره البخاريّ تعليقاً . وفي الصّبر روى البخاريّ : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال : اتّقي اللّه واصبري » . والمراد بالكراهة كراهة التّحريم عند الحنفيّة . وقال السّرّاج : قد أجمعت الأمّة على تحريم النّوح ، والدّعوى بدعوى الجاهليّة ، ذكره الطّحطاويّ . والمراد بالبكاء في حديث : « إنّ الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه » النّدب ، والنّياحة ، وإنّما يعذّب الميّت إذا أوصى بذلك . وفي غاية المنتهى من كتب الحنابلة لا يكره بكاء على ميّت قبل موت ولا بعده ، بل استحباب البكاء رحمة للميّت سنّة صحيحة ، وحرم ندب وهو بكاء مع تعديد محاسنه ، ونوح وهو رفع صوت بذلك برقّة وشقّ ثوب ، وكره استدامة لبس مشقوق ، وحرم لطم خدّ ، وخمشه ، وصراخ ، ونتف شعر ونشره وحلقه ، وعدّ في ( الفصول ) من المحرّمات إظهار الجزع ، لأنّه يشبه التّظلّم من الظّالم ، وهو عدل من اللّه سبحانه . قال صاحب الغاية : ( ويتّجه ) ومثله إلقاء تراب على الرّأس ، ودعاء بويل وثبور ، ويباح يسير ندبة لم تخرج مخرج نوح ، نحو يا أبتاه يا ولداه ، فإن زاد يصير ندباً ويجب منعه لأنّه محرّم . شقّ بطن الميّتة لإخراج الجنين : 9 - ذهب الحنفيّة وهو قول ابن سريج وبعض الشّافعيّة ، إلى أنّه إن ماتت امرأة والولد يضطرب في بطنها يشقّ بطنها ويخرج الولد ، وقال محمّد بن الحسن لا يسع إلاّ ذلك . ومذهب الشّافعيّة وهو المتّجه عند الحنابلة ، أنّه يشقّ للولد إن كان ترجى حياته . فإن كان لا ترجى حياته فالأصحّ أنّه لا يشقّ . وعند أحمد حرم شقّ بطنها وأخرج نساء لا رجال من ترجى حياته ، فإن تعذّر لم تدفن حتّى يموت ، فإن لم يوجد نساء لم يسط عليه الرّجال ، لما فيه من هتك حرمة الميّتة ، ويترك حتّى يتيقّن موته . وعنه يسطو عليه الرّجال والأولى بذلك المحارم . وقال ابن القاسم من المالكيّة : لا يبقر بطن الميّتة إذا كان جنينها يضطرب في بطنها . وقال سحنون منهم : سمعت أنّ الجنين إذا استيقن بحياته وكان معروف الحياة ، فلا بأس أن يبقر بطنها ويستخرج الولد . وفي الشّرح الصّغير لا يشقّ بطن المرأة عن جنين ولو رجي حياته على المعتمد ، ولكن لا تدفن حتّى يتحقّق موته ولو تغيّرت . واتّفقوا على أنّه إن أمكن إخراجه بحيلة غير الشّقّ وجبت . غسل الميّت : 9 م - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ تغسيل الميّت واجب كفاية بحيث إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، وتفصيل أحكامه في مصطلح : ( تغسيل الميّت ) . تكفين الميّت : 10 - اتّفق الفقهاء على أنّ تكفين الميّت بما يستره فرض على الكفاية . وتفصيل أحكامه ينظر في مصطلح : ( تكفين ) . حمل الجنازة : حكم الحمل وكيفيّته : 11 - أجمع الفقهاء على أنّ حمل الجنازة فرض على الكفاية ، ويجوز الاستئجار على حمل الجنازة . وأمّا كيفيّة حمل الجنازة وعدد حامليها فيسنّ عند الحنفيّة أن يحملها أربعة رجال ، فإذا حملوا الميّت على سرير أخذوه بقوائمه الأربع وبه وردت السّنّة ، فقد روى ابن ماجه عن ابن مسعود قال : « من اتّبع جنازة فليحمل بجوانب السّرير كلّها فإنّه من السّنّة ، ثمّ إن شاء فليتطوّع وإن شاء فليدع » . 12 - ثمّ إنّ في حمل الجنازة شيئين : نفس السّنّة ، وكمالها ، أمّا نفس السّنّة فهي أن تأخذ بقوائمها الأربع على طريق التّعاقب بأن يحمل من كلّ جانب عشر خطوات . وأمّا كمال السّنّة ، فهو أن يبدأ الحامل بحمل الجنازة من جانب يمين مقدّم الميّت وهو يسار الجنازة ... فيحمله على عاتقه الأيمن ، ثمّ المؤخّر الأيمن للميّت على عاتقه الأيمن ، ثمّ المقدّم الأيسر للميّت على عاتقه الأيسر ، ثمّ المؤخّر الأيسر للميّت على عاتقه الأيسر . ويكره حملها بين العمودين ، بأن يحملها رجلان أحدهما يحمل مقدّمها والآخر مؤخّرها ، لأنّه يشقّ على الحاملين ، ولا يؤمن من سقوط الجنازة . إلاّ عند الضّرورة ، مثل ضيق المكان أو قلّة الحاملين أو نحو ذلك ، وعليه حمل ما روي من الحمل بين العمودين . وعند الشّافعيّة الأفضل أن يجمع في حمل الجنازة بين التّربيع والحمل بين العمودين ، وقد روي من فعل ابن عمر وسالم ، فإن أراد أحدهما فالحمل بين العمودين أفضل ، والتّربيع أن يحملها أربعة من جوانبها الأربعة ، والحمل بين العمودين أن يحملها ثلاثة رجال ، أحدهم يكون في مقدّمها ، يضع الخشبتين الشّاخصتين على عاتقيه والمعترضة بينهما على كتفيه ، والآخران يحملان مؤخّرها ، كلّ واحد منهما خشبة على عاتقه ، فإن عجز المتقدّم عن حمل المقدّم وحده أعانه رجلان خارج العمودين فيصيرون خمسة . وعند الحنابلة يستحبّ التّربيع في حمله ، وهو أن يضع قائمة السّرير اليسرى المقدّمة " عند السّير " على كتفه اليمنى ، ثمّ ينتقل إلى المؤخّرة ، ثمّ يضع القائمة اليمنى على كتفه اليسرى ، ثمّ ينتقل إلى المؤخّرة ، وإن حمل بين العمودين فحسن . وفي غاية المنتهى : كره الآجرّيّ وغيره التّربيع مع زحام ، ولا يكره الحمل بين العمودين كلّ واحد على عاتق ، والجمع بينهما أولى . وأمّا المالكيّة فقالوا : حمل الميّت ليس له كيفيّة معيّنة ، فيجوز أن يحمله أربعة أشخاص ، وثلاثة ، واثنان بلا كراهة ، ولا يتعيّن البدء بناحية من السّرير ( النّعش ) . 13 - وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا بأس بأن يأخذ السّرير بيده أو يضع على المنكب - يعني بعد أخذ قائمة السّرير باليد لا ابتداء كما تحمل الأثقال - . وصرّح الشّافعيّة بحرمة حمل الجنازة على هيئة مزرية ، كحمله في قفّة ، وغرارة ، ونحو ذلك ، ويحرم كذلك حمله على هيئة يخاف منها سقوطه . ويكره له أن يضع نصفه على المنكب ونصفه على أصل العنق ، ويكره عند الحنفيّة حمله على الظّهر والدّابّة بلا عذر . أمّا إذا كان عذر بأن كان المحلّ بعيدا يشقّ حمل الرّجال له ، أو لم يكن الحامل إلاّ واحدا ، فحمله على ظهره فلا كراهة إذن وفاقاً للشّافعيّة . وعند الحنابلة أيضا لا يكره حملها على دابّة لغرض صحيح ، وذكر الإسبيجابيّ من الحنفيّة أنّ الصّبيّ الرّضيع ، أو الفطيم ، أو من جاوز ذلك قليلاً ، إذا مات فلا بأس أن يحمله رجل واحد على يديه ، ويتداوله النّاس بالحمل على أيديهم ، ولا بأس بأن يحمله على يديه وهو راكب ، وإن كان كبيرا يحمل على الجنازة ، واتّفقوا على أنّه لا يكره حمل الطّفل على اليدين بل يندب ذلك عند المالكيّة ، وزاد الحنابلة أنّه لا يكره حمل جنازة الكبير بأعمدة عند الحاجة. ويسرع بالميّت وقت المشي بلا خبب ، وحدّه أن يسرع به بحيث لا يضطرب الميّت على الجنازة ، ويكره بخبب لقوله صلى الله عليه وسلم : « أسرعوا بالجنازة » أي ما دون الخبب كما في رواية ابن مسعود ، « سألنا رسول صلى الله عليه وسلم اللّه عن المشي خلف الجنازة فقال : ما دون الخبب » قال الحافظ ابن حجر : نقل ابن قدامة أنّ الأمر فيه للاستحباب بلا خلاف بين العلماء . وأمّا ما يحكى عن الشّافعيّ والجمهور أنّه يكره الإسراع الشّديد ، فقال الحافظ ابن حجر : مال عياض إلى نفي الخلاف فقال : من استحبّه أراد الزّيادة على المشي المعتاد ، ومن كرهه أراد الإفراط فيه كالرّمل . وكذا يستحبّ الإسراع بتجهيزه كلّه من حين موته ، فلو جهّز الميّت صبيحة يوم الجمعة يكره تأخير الصّلاة عليه ليصلّي عليه الجمع العظيم ، ولو خافوا فوت الجمعة بسبب دفنه يؤخّر الدّفن ، وقال المالكيّة والشّافعيّة أيضاً ، بالإسراع بتجهيزه إلاّ إذا شكّ في موته ، ويقدّم رأس الميّت في حال المشي بالجنازة . تشييع الجنازة : 14 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ تشييع الرّجال للجنازة سنّة ، لحديث البراء بن عازب : « أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم باتّباع الجنائز » والأمر هنا للنّدب لا للوجوب للإجماع ، وقال الزّين بن المنير من المالكيّة : إنّ اتّباع الجنازة من الواجبات على الكفاية . وقال الشّيخ مرعي الحنبليّ : اتّباع الجنائز سنّة . قال الحنفيّة اتّباع الجنائز أفضل من النّوافل إذا كان لجوار وقرابة ، أو صلاح مشهور ، والأفضل لمشيّع الجنازة المشي خلفها ، وبه قال الأوزاعيّ وإسحاق على ما حكاه التّرمذيّ " لحديث « الجنازة متبوعة ولا تتبع ، ليس معها من تقدّمها » إلاّ أن يكون خلفها نساء فالمشي أمامها أحسن ، ولكن إن تباعد عنها بحيث يعدّ ماشياً وحده أو تقدّم الكلّ ، وتركوها خلفهم ليس معها أحد أو ركب أمامها كره ، وأمّا الرّكوب خلفها فلا بأس به ، والمشي أفضل ، والمشي عن يمينها أو يسارها خلاف الأولى ، لأنّ فيه ترك المندوب وهو اتّباعها . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : المشي أمام الجنازة أفضل ، لما روي أنّ « رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة » . وروي عن الصّحابة كلا الأمرين وقد قال عليّ : إنّ فضل الماشي خلفها على الّذي يمشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ . وقال الثّوريّ : كلّ ذلك في الفضل سواء . 15 - وأمّا النّساء فلا ينبغي لهنّ عند الحنفيّة أن يخرجن في الجنازة ، ففي الدّرّ يكره خروجهنّ تحريماً ، قال ابن عابدين : لقوله عليه الصلاة والسلام : « ارجعن مأزورات غير مأجورات » . ولحديث أمّ عطيّة : « نهينا عن اتّباع الجنائز ، ولم يعزم علينا » . ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة : « لعلّك بلغت معهم الكدى » " المقابر " . وأمّا عند الشّافعيّة فقال النّوويّ : مذهب أصحابنا أنّه مكروه ، وليس بحرام ، وفسّر قول أمّ عطيّة « ولم يعزم علينا » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عنه نهي كراهية تنزيه ، لا نهي عزيمة وتحريم . وأمّا المالكيّة ففي الشّرح الصّغير : جاز خروج متجالَّةٍ " كبيرة السّنّ " لجنازة مطلقاً ، وكذا شابّة لا تخشى فتنتها ، لجنازة من عظمت مصيبته عليها ، كأب ، وأمّ ، وزوج ، وابن ، وبنت ، وأخ ، وأخت ، أمّا من تخشى فتنتها فيحرم خروجها مطلقاً . وقال الحنابلة : كره أن تتبع الجنازة امرأة وحكى الشّوكانيّ عن القرطبيّ أنّه قال : إذا أمن من تضييع حقّ الزّوج والتّبرّج وما ينشأ من الصّياح ونحو ذلك فلا مانع من الإذن لهنّ ، ثمّ قال الشّوكانيّ : هذا الكلام هو الّذي ينبغي اعتماده في الجمع بين الأحاديث المتعارضة . قال الحنفيّة : وإذا كان مع الجنازة نائحة أو صائحة زجرت ، فإن لم تنزجر فلا بأس بأن يمشي معها ، لأنّ اتّباع الجنازة سنّة فلا يتركه لبدعة من غيره ، لكن يمشي أمام الجنازة كما تقدّم . وقال الحنابلة : حرم أن يتبعها المشيّع مع منكر ، نحو صراخ ، ونوح ، وهو عاجز عن إزالته ، ويلزم القادر إزالته . ما ينبغي أن يفعل مع الجنازة وما لا ينبغي : اتّباع الجنازة بمبخرة أو نار : 16 - اتّفق الفقهاء على أنّ الجنازة لا تتبع بنار في مجمرة " مبخرة " ولا شمع . وفي مراقي الفلاح : لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ، ويكره تجمير القبر . إلاّ لحاجة ضوء أو نحوه . لحديث أبي داود مرفوعاً : « لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار » . الجلوس قبل وضع الجنازة : 17 - يكره لمتّبع الجنازة أن يجلس قبل وضعها للنّهي عن ذلك . فعن أبي هريرة مرفوعاً : « من تبع جنازة فلا يقعدن حتّى توضع » . قال الطّحطاويّ : إنّ في الجلوس قبل وضعها ازدراء بها ، قال الحازميّ : وممّن رأى ذلك الحسن بن عليّ ، وأبو هريرة ، وابن عمر ، وابن الزّبير ، والأوزاعيّ ، وأهل الشّام ، وأحمد ، وإسحاق ، وذكر النّخعيّ والشّعبيّ أنّهم كانوا يكرهون أن يجلسوا حتّى توضع عن مناكب الرّجال وبه قال محمّد بن الحسن . قال ابن حجر في الفتح : ذهب أكثر الصّحابة والتّابعين إلى استحباب القيام ، كما نقله ابن المنذر ، وهو قول الأوزاعيّ ، وأحمد ، وإسحاق ، ومحمّد بن الحسن ، والمختار عند الشّافعيّة استحباب القيام مع الجنازة حتّى توضع ، قال الحازميّ : وخالفهم في ذلك آخرون ، ورأوا الجلوس أولى ، وقال بعض السّلف : يجب القيام . فإذا وضعت الجنازة على الأرض عند القبر فلا بأس بالجلوس ، وإنّما يكره قبل أن توضع عن مناكب الرّجال . والأفضل أن لا يجلسوا ما لم يسوّوا عليه التّراب لرواية أبي معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة « حتّى توضع في اللّحد » وخالفه الثّوريّ وهو أحفظ فقال : « في الأرض » . ونقل حنبل " من أصحاب أحمد " لا بأس بقيامه على القبر حتّى تدفن جبراً وإكراماً ، وكان أحمد إذا حضر جنازة وَلِيَها لم يجلس حتّى تدفن . القيام للجنازة : 18 - مذهب الحنفيّة وأحمد لا يقوم للجنازة إذا مرّت به إلاّ أن يريد أن يشهدها ، وكذا إذا كان القوم في المصلّى ، وجيء بجنازة ، قال بعضهم : لا يقومون إذا رأوها قبل أن توضع الجنازة عن الأعناق وهو الصّحيح ، وما رواه مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتّى تخلفكم أو توضع » منسوخ بما روي من طرق عن عليّ رضي الله عنه قال : « قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثمّ قعد » ، قال الحازميّ : قال أكثر أهل العلم : ليس على أحد القيام لجنازة ، وبه قال مالك وأهل الحجاز والشّافعيّ وأصحابه ، وذهبوا إلى أنّ الأمر بالقيام منسوخ ، وكذا قال القاضي عياض . وقال الحنابلة : كره قيام لها - أي للجنازة - لو جاءت أو مرّت به وهو جالس ، وقال في المغني : « كان آخر الأمرين من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ترك القيام للجنازة » ، والأخذ بآخر الأمرين أولى . وفي شرح مسلم : المشهور في مذهبنا أنّ القيام ليس مستحبّاً . وقالوا : هو منسوخ بحديث عليّ ثمّ قال النّوويّ : اختار المتولّي من أصحابنا أنّ القيام مستحبّ وهذا هو المختار ، فيكون الأمر به للنّدب ، والقعود لبيان الجواز ، ولا يصحّ دعوى النّسخ في مثل هذا ، لأنّ النّسخ إنّما يكون إذا تعذّر الجمع ولم يتعذّر . قال القليوبيّ من الشّافعيّة : وهذا هو المعتمد . وحكى القاضي عياض عن أحمد ، وإسحاق ، وابن حبيب وابن الماجشون المالكيّين أنّهم قالوا : هو مخيّر . الصّمت في اتّباع الجنازة : 19 - ينبغي لمن تبع الجنازة أن يطيل الصّمت ، ويكره رفع الصّوت بالذّكر وقراءة القرآن وغيرهما ، لما روي عن قيس بن عبادة أنّه قال : « كان أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصّوت عند ثلاثة : عند القتال ، وعند الجنازة ، والذّكر » . وهذه الكراهة قيل : كراهة تحريم ، وقيل : ترك الأولى . فإن أراد أن يذكر اللّه تعالى ففي نفسه ، أي سرّاً بحيث يسمع نفسه ، وفي السّراج : يستحبّ لمن تبع الجنازة أن يكون مشغولاً بذكر اللّه تعالى ، أو التّفكّر فيما يلقاه الميّت ، وأنّ هذا عاقبة أهل الدّنيا ، وليحذر عمّا لا فائدة فيه من الكلام ، فإنّ هذا وقت ذكر وموعظة ، فتقبح فيه الغفلة ، فإن لم يذكر اللّه تعالى فيلزم الصّمت ، ولا يرفع صوته بالقراءة ولا بالذّكر ، ولا يغترّ بكثرة من يفعل ذلك ، وأمّا ما يفعله الجهّال من القراءة مع الجنازة من رفع الصّوت والتّمطيط فيه فلا يجوز بالإجماع . وروى ابن أبي شيبة عن المغيرة قال : كان رجل يمشي خلف الجنازة ويقرأ سورة الواقعة فسئل إبراهيم النّخعيّ عن ذلك فكرهه ، ولا يسع أحداً يقدر على إنكاره أن يسكت عنه ولا ينكر عليه ، وعن إبراهيم النّخعيّ أنّه كان ينكر أن يقول الرّجل وهو يمشي معها : استغفروا له يغفر اللّه لكم . وقال ابن عابدين : إذا كان هذا في الدّعاء والذّكر فما ظنّك بالغناء الحادث في زماننا . قال الحنفيّة : ولا ينبغي أن يرجع من يتبع جنازة حتّى يصلّي عليها ، لأنّ الاتّباع كان للصّلاة عليها ، فلا يرجع قبل حصول المقصود ، وبعد ما صلّى لا يرجع إلاّ بإذن أهل الجنازة قبل الدّفن ، وبعد الدّفن يسعه الرّجوع بغير إذنهم . وبه قال المالكيّة وزادوا أنّ الانصراف قبل الصّلاة يكره ولو أذن أهلها ، وبعد الصّلاة لا يكره إذا طوّلوا ولم يأذنوا . فإذا وضعوها للصّلاة عليها وضعوها عرضاً للقبلة ، هكذا توارثه النّاس . وقال المالكيّة : كره صياح خلفها ب استغفروا لها ونحوه . وقال الشّافعيّة أيضاً : يكون رفع الصّوت بالذّكر بدعة ، وقالوا : يكره اللّغط في الجنازة . وقال الشّيخ مرعي الحنبليّ : وقول القائل معها : استغفروا له ونحوه بدعة ، وحرّمه أبو حفص ، وسنّ كون تابعها متخشّعاً متفكّراً في مآله ، متّعظاً بالموت وما يصير إليه الميّت . الصّلاة على الجنازة : 20 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الصّلاة على الجنازة فرض على الكفاية ، واختلف فيه قول المالكيّة فقال ابن عبد الحكم : فرض على الكفاية وهو قول سحنون ، وعليه الأكثر وشهره الفاكهانيّ ، وقال أصبغ : سنّة على الكفاية . ونصّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّ الجماعة ليست شرطاً لصحّة الصّلاة على الجنازة وإنّما هي سنّة . وقال المالكيّة : من شرط صحّتها الجماعة كصلاة الجمعة ، فإن صلّي عليها بغير إمام أعيدت الصّلاة ما لم يفت ذلك . 21 - وأركان صلاة الجنازة عند الحنفيّة : التّكبيرات والقيام ، فلا تصحّ من القاعد أو الرّاكب من غير عذر ، فلو تعذّر النّزول عن الدّابّة لطين ونحوه جاز أن يصلّي عليها راكبا استحساناً ، ولو كان الوليّ مريضا فأمّ قاعدا والنّاس قيام أجزأهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وقال محمّد : تجزئ الإمام فقط . وقال المالكيّة : أركانها خمسة : أوّلها : النّيّة : ثانيها : أربع تكبيرات ، ثالثها : دعاء بينهنّ ، وأمّا بعد الرّابعة فإن أحبّ دعا وإن أحبّ لم يدع ، رابعها : تسليمة واحدة يجهر بها الإمام بقدر التّسميع ، خامسها : قيام لها لقادر .
شروط صلاة الجنازة : 22 - يشترط لصحّة صلاة الجنازة ما يشترط لبقيّة الصّلوات من الطّهارة الحقيقيّة بدناً وثوباً ومكاناً ، والحكميّة ، وستر العورة ، واستقبال القبلة ، والنّيّة ، سوى الوقت . وشرط الحنفيّة أيضاً ما يلي : أوّلها : إسلام الميّت لقوله تعالى : { ولا تُصَلِّ على أَحَدٍ منهم مَاتَ أبداً } . والثّاني : طهارته من نجاسة حكميّة وحقيقيّة في البدن ، فلا تصحّ على من لم يغسّل ، ولا على من عليه نجاسة ، وهذا الشّرط عند الإمكان فلو دفن بلا غسل ولم يمكن إخراجه إلاّ بالنّبش سقط الغسل وصلّي على قبره بلا غسل للضّرورة - هذه رواية ابن سماعة عن محمّد ، وصحّح في غاية البيان معزيّا إلى القدوريّ وصاحب التّحفة أنّه لا يصلّى عليه ، لأنّها بلا غسل غير مشروعة - بخلاف ما إذا لم يهل عليه التّراب ، فإنّه يخرج ويغسّل ويصلّى عليه. ولو صلّي عليه بلا غسل جهلاً مثلاً ، ثمّ دفن ولا يخرج إلاّ بالنّبش أعيدت الصّلاة على قبره استحسانا ، ويشترط طهارة الكفن إلاّ إذا شقّ ذلك ، لما في خزانة الفتاوى من أنّه إن تنجّس الكفن بنجاسة الميّت لا يضرّ ، دفعا للحرج ، بخلاف الكفن المتنجّس ابتداء . وكذا لو تنجّس بدنه بما خرج منه ، إن كان قبل أن يكفّن غسّل وبعده لا ، وأمّا طهارة مكان الميّت ، ففي الهنديّة والفوائد التّاجيّة أنّها ليست بشرط ، وفي مراقي الفلاح والقنية أنّها شرط ، فإذا كان المكان نجساً ، وكان الميّت على الجنازة " النّعش " تجوز الصّلاة ، وإن كان على الأرض ففي الفوائد لا يجوز ، ومال إلى الجواز قاضي خان ، وجزم في القنية بعدمه . وجه الجواز أنّ الكفن حائل بين الميّت والنّجاسة ، ووجه عدم الجواز أنّ الكفن تابع فلا يعدّ حائلاً . والحاصل أنّه إن كان المراد بمكان الميّت الأرض ، وكان الميّت على الجنازة ، فعدم اشتراط طهارة الأرض متّفق عليه . وإن كان المراد الجنازة فالظّاهر أنّه تختلف الأقوال فيه كما اختلفت فيما إذا كان الميّت موضوعاً على الأرض النّجسة . قال في القنية : الطّهارة من النّجاسة في ثوب وبدن ومكان ، وستر العورة شرطان في حقّ الميّت والإمام جميعاً ، فلو أمّ بلا طهارة ، والقوم بها أعيدت ، وبعكسه لا ، لسقوط الفرض بصلاة الإمام . والثّالث : تقديم الميّت أمام القوم فلا تصحّ على ميّت موضوع خلفهم . والرّابع : حضوره أو حضور أكثر بدنه أو نصفه مع رأسه . والخامس : وضعه على الأرض أو على الأيدي قريباً منها . والسّادس : ستر عورته - هذا هو المذكور في الدّرّ المختار . والسّابع : قال صاحب الدّرّ : بقي من الشّروط بلوغ الإمام ، فلو أمّ صبيّ في صلاة الجنازة ينبغي أن لا يجوز وهو الظّاهر ، لأنّها من فروض الكفاية ،وهو ليس من أهل أداء الفرائض. ولكن نقل في الأحكام عن جامع الفتاوى سقوط الفرض بفعله . والثّامن : محاذاة الإمام جزءا من أجزاء الميّت إذا كان الميّت واحداً ، وأمّا إذا كثرت الموتى فيجعلهم صفّا ويقوم عند أفضلهم ، قال ابن عابدين : الأقرب كون المحاذاة شرطاً . وقال الحنابلة : لا يجب أن يسامت الإمام الميّت فإن لم يسامته كره ، وفي تعليق الغاية : لعلّه ما لم يفحش عرفاً ، فلا تصحّ إن فحش . 23 - وقد وافق الحنابلة الحنفيّة على اشتراط إسلام الميّت وطهارته ، وستر عورته ، وحضوره بين يدي المصلّي من الشّروط الّتي ترجع إلى الميّت ، وعلى اشتراط كون المصلّي مكلّفاً ، واجتنابه النّجاسة ، واستقباله القبلة ، وستر العورة ، والنّيّة ، من الّتي ترجع إلى المصلّي . وخالفوهم في اشتراط حضور الجنازة فجوّزوا الصّلاة على غائب عن بلد دون مسافة قصر ، أو في غير قبلته ، وعلى غريق وأسير ونحوه ، إلى شهر بالنّيّة ، وأمّا ما اشترطوه من حضوره بين يدي المصلّي ، فمعناه أن لا تكون الجنازة محمولة ، ولا من وراء حائل ، كحائط قبل دفن ، ولا في تابوت مغطّى . ووافق الشّافعيّة الحنابلة على عدم اشتراط حضوره ، وتجويز الصّلاة على الغائب ، ووافقت المالكيّة الحنفيّة على اشتراط حضوره ، وأمّا وضعه أمام المصلّي بحيث يكون عند منكبي المرأة ووسط الرّجل فمندوب عندهم ، وعند الحنفيّة أيضاً ، إلاّ أنّ محاذاة الإمام بجزء من الميّت شرط عند الحنفيّة . وخالف المالكيّة والشّافعيّة الحنفيّة في اشتراط وضعه على الأرض ، فقالوا : تجوز الصّلاة على المحمول على دابّة ، أو على أيدي النّاس ، أو على أعناقهم . وانفرد المالكيّة باشتراط الإمامة في صلاة الجنازة على ما صرّح به ابن رشد ، وصرّح غيره بصحّة صلاة المنفرد عليه ، ففي الشّرح الصّغير إن صلّى عليها منفرداً أعيدت ندباً جماعة . والواجب عند الحنفيّة في صلاة الجنازة التّسليم مرّتين بعد التّكبيرة الرّابعة ، وعند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة التّسليم مرّة واحدة ركن ، قالوا لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « وتحليلها التّسليم » في الصّلاة . وورد التّسليم مرّة واحدة على الجنازة عن ستّة من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم والتّسليمة الثّانية مسنونة عند الشّافعيّة جائزة عند الحنابلة . وأمّا سننها فتفصيلها كما يلي : الأولى : قيام الإمام بحذاء صدر الميّت ذكرا كان الميّت أو أنثى سنّة عند الحنفيّة ، وفي حواشي الطّحطاويّ على المراقي ما يدلّ على أنّه مستحبّ . وقال المالكيّة : ليس لصلاة الجنازة سنن بل لها مستحبّات ، منها وقوف الإمام والمنفرد حذاء وسط الرّجل ، ومنكبي المرأة والخنثى . وقال الشّافعيّة : إنّهما يقومان عند رأس الرّجل ، وعند عجز المرأة أو الخنثى . وقال الحنابلة : عند صدر الرّجل ، ووسط الأنثى ، وسنّ ذلك من خنثى . الثّانية : الثّناء بعد التّكبيرة الأولى سنّة عند الحنفيّة وهو اختيار الخلّال من الحنابلة وهو : سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك . وقال الشّافعيّة والحنابلة والطّحاويّ من الحنفيّة : لا استفتاح منه ولكن النّقل والعادة أنّهم يستفتحون بعد تكبيرة الافتتاح . وقال في " سكب الأنهر " الأولى ترك : " وجلّ ثناؤك " إلاّ في صلاة الجنازة ، وقال ابن عابدين : مقتضى ظاهر الرّواية حصول السّنّة بأيّ صيغة من صيغ الحمد . وقال المالكيّة : لا ثناء في التّكبيرة الأولى ، ولكن ابتداء الدّعاء بحمد اللّه والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم مندوب ، أي بعد التّكبيرة الثّانية . وقال الحنابلة أيضاً : لا يستفتح . وجاء قراءة الفاتحة بقصد الثّناء كذا نصّ عليه الحنفيّة ، وقال عليّ القاريّ : يستحبّ قراءتها بنيّة الدّعاء خروجا من الخلاف . الثّالثة : ومن السّنن عند الحنفيّة الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد التّكبيرة الثّانية بقوله : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد إلى آخره ، لأنّ تقديم الصّلاة على الدّعاء وتقديم الثّناء عليهما سنّة ، قالوا : وينبغي أن يصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد الدّعاء أيضاً ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « اجعلوني في أوّل الدّعاء وأوسطه وآخره » . وقال المالكيّة : الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم مندوبة عقب كلّ تكبيرة قبل الشّروع في الدّعاء ، بأن يقول : الحمد للّه الّذي أمات وأحيا ، والحمد للّه الّذي يحيي الموتى وهو على كلّ شيء قدير ، اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، وبارك على محمّد ، وعلى آل محمّد ، كما صلّيت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد ، كما يدعو كما سيأتي ، وهي عند الشّافعيّة والحنابلة ركن كما مرّ . 25 - الرّابعة : ومن السّنن عند الحنفيّة دعاء المصلّي للميّت ولنفسه " وإذا دعا لنفسه قدّم نفسه على الميّت لأنّ من سنّة الدّعاء أن يبدأ فيه بنفسه " ولجماعة المسلمين ، وذلك بعد التّكبيرة الثّالثة ، ولا يتعيّن للدّعاء شيء سوى كونه بأمور الآخرة ، ولكن إن دعا بالمأثور عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فهو أحسن وأبلغ لرجاء قبوله . فمن المأثور ما حفظ عوف بن مالك من دعاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم على جنازة « اللّهمّ اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسّع مدخله ، واغسله بالماء والثّلج والبرد ، ونقّه من الخطايا كما ينقّى الثّوب الأبيض من الدّنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله ، وزوجاً خيراً من زوجه ، وأدخله الجنّة ، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النّار » . وفي الأصل روايات أخر ، منها : ما رواه أبو حنيفة في مسنده من حديث أبي هريرة : « اللّهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وذكرنا وأنثانا ، وصغيرنا وكبيرنا » . وزاد أحمد وأصحاب السّنن إلاّ النّسائيّ « اللّهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإسلام ، ومن توفّيته منّا فتوفّه على الإيمان » . وفي رواية « اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته ، اللّهمّ لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنّا بعده » . فإن كان الميّت صغيراً فعن أبي حنيفة ينبغي أن يقول : اللّهمّ اجعله لنا فرطاً ، واجعله لنا أجراً وذخراً ، اللّهمّ اجعله لنا شافعاً ومشفّعاً ، مقتصراً عليه كما هو في متون المذهب ، أو بعد الدّعاء المذكور كما في حواشي الطّحطاويّ على المراقي وغيرها . وقال الشّوكانيّ : إذا كان الميّت طفلا استحبّ أن يقول : اللّهمّ اجعله لنا سلفاً وفرطاً وأجراً . وهذا كلّه إذا كان يحسن ذلك فإن كان لا يحسن يأتي بأيّ دعاء شاء ، وقال في الدّرّ : لا يستغفر فيها لصبيّ ، ومجنون ، ومعتوه ، لعدم تكليفهم ، ولا ينافي هذا قوله : " وصغيرنا وكبيرنا " لأنّ المقصود الاستيعاب . وقال الحنابلة : إن كان صغيراً أو استمرّ مجنوناً قال : اللّهمّ اجعله ذخراً لوالديه ... إلخ وظاهره الاقتصار عليه . وصرّح الشّافعيّة بأنّ هذا الدّعاء يكون بدل الدّعاء المذكور للبالغين ، وهو ظاهر كلام المالكيّة أيضاً ، فكأنّ أقوال الأربعة اتّفقت في الدّعاء للصّغير بهذه الصّيغة . الدّعاء للميّت : 26 - الدّعاء عند المالكيّة والحنابلة ركن ، ولكن عند المالكيّة يدعو عقب كلّ تكبيرة حتّى الرّابعة ، وفي قول آخر عندهم لا يجب بعد الرّابعة كما تقدّم ، وأقلّ الدّعاء أن يقول : اللّهمّ اغفر له ونحو ذلك ، وأحسنه أن يدعو بدعاء أبي هريرة وهو أن يقول : بعد حمد اللّه تعالى والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم : اللّهمّ إنّه عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، كان يشهد أن لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك وأنّ محمّداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به ، اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته ، اللّهمّ لا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده . ويقول في المرأة : اللّهمّ إنّها أمتك وبنت عبدك وبنت أمتك ، ويستمرّ في الدّعاء المتقدّم بصيغة التّأنيث ، ويقول في الطّفل الذّكر : اللّهمّ إنّه عبدك وابن عبدك أنت خلقته ورزقته ، وأنت أمتّه وأنت تحييه ، اللّهمّ اجعله لوالديه سلفاً وذخراً ، وفرطاً وأجراً ، وثقّل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، ولا تفتنّا وإيّاهما بعده ، اللّهمّ ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم . ويزيد في الكبير : وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله ، وعافه من فتنة القبر وعذاب جهنّم . فإن كان يصلّي على ذكر وأنثى معا يغلّب الذّكر على الأنثى فيقول : إنّهما عبداك وابنا عبديك وابنا أمتيك ... إلخ . وكذا إذا كان يصلّي على جماعة من رجال ونساء ، فإنّه يغلّب الذّكور على الإناث فيقول : اللّهمّ إنّهم عبيدك وأبناء عبيدك ... إلخ . فإن كان يصلّي على نساء يقول : اللّهمّ إنّهنّ إماؤك ، وبنات عبيدك ، وبنات إمائك كنّ يشهدن .. إلخ . ويزيد على الدّعاء المذكور في حقّ كلّ ميّت بعد التّكبيرة الرّابعة " اللّهمّ اغفر لأسلافنا ، وأفراطنا ، ومن سبقنا بالإيمان ، اللّهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإيمان ، ومن توفّيته منّا فتوفّه على الإسلام ، واغفر للمسلمين والمسلمات ، ثمّ يسلّم . والفرض عند الشّافعيّة أدنى دعاء للميّت كما تقدّم لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا صلّيتم على الميّت فأخلصوا له الدّعاء » . ويشترط فيه أن يكون بعد التّكبيرة الثّالثة ، وأن يكون مشتملاً على طلب الخير للميّت الحاضر ، فلو دعا للمؤمنين بغير دعاء له لا يكفي ، إلاّ إذا كان صبيّاً ، فإنّه يكفي كما يكفي الدّعاء لوالديه ، وأن يكون المطلوب به أمراً أخرويّاً كطلب الرّحمة والمغفرة وإن كان الميّت غير مكلّف ، ولا يتقيّد المصلّي في الدّعاء بصيغة خاصّة ، والأفضل أن يدعو بالدّعاء المشهور الّذي انتخبه الشّافعيّ من مجموع أحاديث وهو : « اللّهمّ هذا عبدك وابن عبديك ، خرج من روح الدّنيا وسعتها ، ومحبوبه وأحبّائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه ، كان يشهد أن لا إله إلاّ أنت ، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به ، اللّهمّ إنّه نزل بك وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غنيّ عن عذابه ، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له ، اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه ، ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه ، وافسح له في قبره ، وجاف الأرض عن جنبيه ، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتّى تبعثه آمناً إلى جنّتك برحمتك يا أرحم الرّاحمين » . 27 - ويستحبّ أن يقول قبله : الدّعاء الّذي رواه التّرمذيّ : « اللّهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، اللّهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإسلام ، ومن توفّيته منّا فتوفّه على الإيمان ، اللّهمّ لا تحرمنا أجره » . ويندب أن يقول : بين الدّعاءين المذكورين : اللّهمّ اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسّع مدخله ، واغسله بالماء والثّلج والبرد ، ونقّه من الخطايا كما ينقّى الثّوب الأبيض من الدّنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله ، وزوجاً خيراً من زوجه ، وأعذه من عذاب القبر وفتنته ، ومن عذاب النّار . وينبغي أن يلاحظ المصلّي في دعائه التّذكير والتّأنيث ، والتّثنية والجمع ، بما يناسب حال الميّت الّذي يصلّي عليه ، وله أن يذكّر مطلقا بقصد الشّخص ، وأن يؤنّث مطلقاً بقصد الجنازة ، ويصحّ أن يقول في الدّعاء على الصّغير بدل الدّعاء المذكور : اللّهمّ اجعله فرطاً لأبويه ، وسلفاً ، وذخراً وعظة ، واعتباراً وشفيعاً ، وثقّل به موازينهما ، وأفرغ الصّبر على قلوبهما ، ولا تفتنهما بعده ، ولا تحرمهما أجره . ويتأدّى الرّكن عند الحنابلة بأدنى دعاء للميّت يخصّه به نحو اللّهمّ ارحمه . ومحلّ الدّعاء عندهم بعد التّكبيرة الثّالثة ويجوز عقب الرّابعة ، ولا يصحّ عقب سواهما . والمسنون الدّعاء بما ورد ، ومنه : اللّهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، إنّك تعلم منقلبنا ومثوانا ، وأنت على كلّ شيء قدير ، اللّهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإسلام والسّنّة ، ومن توفّيته منّا فتوفّه عليهما ، اللّهمّ اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسّع مدخله ، واغسله بالماء والثّلج والبرد ، ونقّه من الذّنوب والخطايا كما ينقّى الثّوب الأبيض من الدّنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنّة ، وأعذه من عذاب القبر ، ومن عذاب النّار ، وافسح له في قبره ونوّر له فيه ، وهذا الدّعاء للميّت الكبير ذكرا كان أو أنثى إلاّ أنّه يؤنّث الضّمائر في الأنثى . وإن كان الميّت صغيراً أو بلغ مجنوناً واستمرّ على جنونه حتّى مات قال في الدّعاء : اللّهمّ اجعله ذخراً لوالديه ، وفرطاً وأجراً ، وشفيعاً مجاباً ، اللّهمّ ثقّل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، وألحقه بصالح سلف المؤمنين ، واجعله في كفالة إبراهيم ، وقه برحمتك عذاب الجحيم ، يقال ذلك في الذّكر والأنثى إلاّ أنّه يؤنّث في المؤنّث . 28 - وليس لصلاة الجنازة عند المالكيّة سنن بل لها مستحبّات ، وهي الإسرار بها ، ورفع اليدين عند التّكبيرة الأولى فقط ، حتّى يكونا حذو أذنيه ، وابتداء الدّعاء بحمد اللّه ، والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ووقوف الإمام عند وسط الرّجل ، وعند منكبي المرأة ، وأمّا المأموم فيقف خلف الإمام كما يقف في غيرها من الصّلاة ، وجهر الإمام بالسّلام والتّكبير بحيث يسمع من خلفه ، وأمّا غيره فيسرّ فيها . وقال الشّافعيّة : سنّتها التّعوّذ قبل الفاتحة والتّأمين ، والإسرار بالقراءة والدّعاء وسائر الأقوال فيها ولو فعلت ليلا ، عدا التّكبير والسّلام فيجهر بها ، وفعل الصّلاة في جماعة ، وأن يكونوا ثلاثة صفوف فأكثر إذا أمكن ، وأقلّ الصّفّ اثنان ولو بالإمام ، ولا تكره مساواة المأموم للإمام في الوقوف ، حينئذ واختيار أكمل صيغ الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مذكور في سنن الصّلاة ، والصّلاة على الآل دون السّلام عليهم ، وعلى النّبيّ عليه الصلاة والسلام ، والتّحميد قبل الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم والدّعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم والدّعاء المأثور في صلاة الجنازة والتّسليمة الثّانية ، وأن يقول بعد التّكبيرة الرّابعة قبل السّلام : اللّهمّ لا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده . ثمّ يقرأ { الَّذينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ ومَنْ حَولَه يُسَبِّحُونَ بِحَمدِ رَبِّهمْ وَيُؤمنونَ بهِ } وأن يقف الإمام أو المنفرد عند رأس الرّجل ، وعند عجز الأنثى أو الخنثى ، وأن يرفع يديه عند كلّ تكبيرة ثمّ يضعهما تحت صدره ، وأن لا ترفع الجنازة حتّى يتمّ المسبوق صلاته ، وإن تكرّر الصّلاة عليه من أشخاص متغايرين ، أمّا إعادتها ممّن أقاموها أوّلا فمكروهة . ومن السّنن ترك دعاء الافتتاح ، وترك السّورة ، ويكره أن يصلّى عليه قبل أن يكفّن . وقال الحنابلة : سننها فعلها في جماعة ، وأن لا ينقص عدد كلّ صفّ عن ثلاثة إن كثر المصلّون ، وإن كانوا ستّة جعلهم الإمام صفّين ، وإن كانوا أربعة جعل كلّ اثنين صفّاً ، ولا تصحّ صلاة من صلّى خلف الصّفّ وحده كغيرها من الصّلاة ، وأن يقف الإمام والمنفرد عند صدر الرّجل ووسط الأنثى ، وأن يسرّ بالقراءة والدّعاء فيها وقد ذكروا التّعوّذ والتّسمية قبل قراءة الفاتحة ، ولم يطّلع على تصريح لهم بسنّيّتها . 29 - وإذا كان القوم سبعة قاموا ثلاثة صفوف يتقدّم واحد ويقوم خلفه ثلاثة ، وخلفهم اثنان ، وخلفهما واحد ، وهذا عند الحنفيّة . وقال الحنابلة : يسنّ أن لا تنقص الصّفوف عن ثلاثة ، ولا ينقص عدد كلّ صفّ عن ثلاثة إن كثر المصلّون ، وإن كانوا ستّة جعلهم الإمام صفّين ، وإن كانوا أربعة جعل كلّ اثنين صفّاً ، ولا تصحّ صلاة من صلّى خلف الصّفّ وحده .
صفة صلاة الجنازة : 30 - مذهب الحنفيّة أنّ الإمام يقوم في الصّلاة على الجنازة بحذاء الصّدر من الرّجل والمرأة ، وهذا أحسن مواقف الإمام من الميّت للصّلاة عليه ، وإن وقف في غيره جاز . وروى الحسن عن أبي حنيفة أنّه قال : يقوم بحذاء الوسط من الرّجل ، وبحذاء الصّدر من المرأة ، وهو قول ابن أبي ليلى . وعند المالكيّة يندب أن يقف الإمام وسط الذّكر وحذو منكبي غيره ، ومذهب الشّافعيّة أنّ الإمام يقوم ندبا عند رأس الرّجل ، وعجيزة المرأة ، لما روي أنّ « أنساً صلّى على رجل فقام عند رأسه ، وعلى امرأة فقام عند عجيزتها ، فقال له العلاء بن زياد : هكذا كانت صلاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المرأة عند عجيزتها وعلى الرّجل عند رأسه ؟ قال : نعم » قالوا : لأنّه أبلغ في صيانة المرأة عن الباقين . فإن وقف من الرّجل والمرأة في أيّ مكان جاز وخالف السّنّة . وقال الحنابلة : يقوم عند صدر رجل ، وقيل عند رأسه ، ووسط امرأة ، وبين الصّدر والوسط من الخنثى ، لحديث أنس « وفيه أنّه صلّى على امرأة فقام وسط السّرير » . 31 - وينوي الإمام والمأمومون ، ثمّ يكبّر ومن خلفه أربع تكبيرات ، وهو متّفق عليه عند الفقهاء ، وبه قال الثّوريّ وابن المبارك وإسحاق . وعليه العمل عند أكثر أهل العلم كما قال التّرمذيّ وابن المنذر - ولو ترك واحدة منها لم تجز صلاته . قال الحنفيّة : ولو كبّر الإمام خمساً لم يتبع ، لأنّه منسوخ ، ولكن ينتظر سلامه في المختار ليسلّم معه على الأصحّ ، وفي رواية يسلّم المأموم إذا كبّر إمامه التّكبيرة الزّائدة . وقال الشّافعيّة : لو كبّر الإمام خمساً لم يتابعه المأموم في الخامسة ، بل يسلّم أو ينتظر ليسلّم معه وهذا هو الأصحّ ، وخلاف الأصحّ أنّه لو تابعه لم يضرّ . وقال الحنابلة : الأولى أن لا يزاد على أربع تكبيرات ويتابع إمامه فيما زاد إلى سبع فقط ، ويحرم سلام قبله ، إن جاوز سبعاً . قال الحنفيّة : فإذا كبّر الأولى مع رفع يديه أثنى على اللّه كما مرّ . وعند الشّافعيّة والحنابلة إذا كبّر الأولى تعوّذ وسمّى وقرأ الفاتحة . وقال الحنفيّة والمالكيّة : ليس في صلاة الجنازة قراءة . وإذا كبّر الثّانية يأتي بالصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهي الصّلاة الإبراهيميّة الّتي يأتي بها في القعدة الأخيرة من ذوات الرّكوع ، وإذا كبّر الثّالثة يدعو للميّت ويستغفر له كما تقدّم ، ثمّ يكبّر الرّابعة ولا دعاء بعد الرّابعة ، وهو ظاهر مذهب الحنفيّة ومذهب الحنابلة ، وقيل عند الحنفيّة : يقول : { رَبَّنَا آتِنَا في
| |
|
ابو الشيماء
عدد المساهمات : 56 تاريخ التسجيل : 23/03/2011 العمر : 43 الموقع : المدير العام
| موضوع: رد: أحــــكام الجــــنازة الثلاثاء يوليو 26, 2011 10:24 am | |
| موضوع مهم ومفيد للمسلمين اجمعين بارك الله فيك | |
|